وهذه القضية بديهية فطرية، وهي توحيد الربوبية الذي أتى به الأنبياء، ولمعرفة حقيقة الفلسفة اليونانية فأفلاطون وأرسطو وغيرهم من أئمة الضلال في العالم لم يكونوا ممن ينكر وجود الله، بل هم وضعوا نظريات لإثبات وجود الله، ولكن لما كانوا ضالين وكاذبين ومفترين وتخيلوه عَلَى غير حقيقته، فهم كفار لأنهم لم يتبعوا شرائع الأنبياء، فلم ينفعهم إثبات وجود الله، لأنهم غير موحدين عَلَى دين الأنبياء.

والمتكلمون الذين ورثوا هذه الفلسفات من المعلم الأول أرسطو، قالوا: أعظم آية هي الإتيان بحجج تقرر بأن الله موجود، فأتوا بدليل التمانع وأتعبوا أنفسهم في تقرير ذلك، وسيمر بنا -إن شاء الله-.

ووجوده سبحانه في النفوس أعظم يقيناً من بديهيات الرياضيات مثل "1+1=2" ومن كلام علماء الكلام؛ العلم الضروري أنه لابد أن تعلم أن الكل أكبر من الجزء، ويقولون: هذا علم ضروري، ولو أتيت بشخص من البادية فلعله لا يفهم مثل هذا الكلام، ولكنه يفهم أن الله موجود، ولذلك يقول علماء الاجتماع: عندما بدأت حركة الكشوفات في القرن السابع عشر والثامن عشر، وذهبوا إِلَى مناطق في أفريقيا والهند وأمريكا حيث لم يسبقهم أحد إليها وجدوا مجتمعات بدون حضارة أو دولة أو فن، ولكن لم يجدوا قط مجتمعاً بلا دين أبداً، ووجدوا أن كل هَؤُلاءِ النَّاس يؤمنون بأن هناك طوفان أتى وعم الأرض كلها وأطلقوا عليها اسم الضلالة المشتركة، وهي الحقيقة المشتركة: أن نوحاً هو أبو البشر الثاني بعد آدم وهَؤُلاءِ من ذريته، وأصبحوا يتناقلونها بينهم، فهي حقيقة مشتركة، وكذلك وجود الله هي حقيقة مشتركة، فالأدلة الفطرية عَلَى وجود الله أعظم وأشهر من أن يتكلم فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015