وكذلك من التبس عليه قوله تعالى: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور:48] وقوله: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ [ص:75] فنردها إِلَى الأصل الثابت ليس كمثله شيء وليس ذلك لأن الآية متشابهة، فإن آيات الصفات ليست من المتشابة، ولكن قد يشتبه في الذهن معناها فنردها إِلَى المحكم.
وإذا أضفنا قوله: ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ إِلَى قوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ فمعنى ذلك أن الذين يتبعون الفتنة يظنون أنهم سيعلمون كيفية حقائق الأسماء والصفات، وحقائق الجنة والنَّار والوعد والوعيد، في حين أنه لا يعلمها إلا الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- والراسخون في العلم يقولون في أمثال هذه الحقائق: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا أي: ما فهمنا معناه وما كَانَ واضحاً جلياً لنا؛ وما كَانَ في أخبار الآخرة، أو ما كَانَ في حقائق الأشياء، أو ما كَانَ مما يدق علينا أن نفهمه وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ والراسخون في العلم يقولون ذلك عَلَى المعنى الآخر وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أي: أن أهل البدع الذين يتبعون المتشابهات ليسوا من الراسخين في العلم، وخطؤهم يأتي من جهة أنهم لا يفهمون كتاب الله، ولا يرجعون الأمر إِلَى الراسخين في العلم، كما قال الله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْر [النحل:43] .