فما كَانَ من الخضر عَلَيْهِ السَّلام إلا أن قَالَ: قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً [الكهف:78] أي: أنا سأخبرك الآن بالعلة والسر والحكمة في الأفعال التي رأيتها ولم تستطع أن تصبر عليها، ثُمَّ أخذ يبين له: أَمَّا السَّفِينَةُ فتأويلها العملي فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً [الكهف:79] عن أهلها وبعد أن نزل موسى والخضر عليهما السلام من السفينة، ذهب المساكين بسفينتهم إِلَى الميناء وجاء أعوان ذلك الملك الظالم، فَقَالُوا: نريد هذه السفينة إن كانت تصلح لنا وإلا تركناها؟ فخاف المساكين عَلَى سفينتهم فلما رأى أعوان الظالم الخرق قالوا: هذه مخروقة لو ركب فيها الجند لغرقوا فتركوها، ففرح المساكين وذهبوا وأصلحوا الخرق وسلمت لهم السفينة. إذاً هذا الخرق كَانَ خيراً لهم، لكن موسى عَلَيْهِ السَّلام لا يعلم تأويل ذلك، ولا يعلم الغيب الذي أطلع الله تَعَالَى عليه الخضر ولم يطلع عليه موسى، ولهذا قال له الخضر: أنت عَلَى علم من الله علمك إياه لا أعلمه، وأنا عَلَى علم من الله علمني إياه لا تعلمه.

وكذلك أولَّ لَهُ سببَ قتله للغلام وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً [الكهف:80] قال المفسرون: إن هذا الغلام طبع يوم طبع كافراً، فكان جزاؤه أن يُقتل لئلا يفتن أبويه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015