وكذلك الجدار الذي أقامه لم يكن إكراماً لتلك القرية اللئيمة، وإنما كَانَ لحكمة غيبية لا يطلع عليها إلا من أطلعه الله -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى علم وذلك أنه كان: لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً [الكهف:82] فجدد هذا البناء لكي يبلغا أشدهما ويستخرجا الكنز عندما يكبرا، ويطلعهم عَلَى ذلك الكنز.
قال في الأخير: ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً [الكهف:82] فكل هذه المعاني التي جاءت في القُرْآن سواءً كَانَ وقوع حقيقة الشيء المخبر به، أو تأويل الرؤيا، أو تأويل العمل، فالمعنى فيها واحد، وهذا هو التأويل الذي جَاءَ في الكتاب والسنة.
يقول: [فمن ينكر وقوع مثل هذا التأويل والعلم بما تعلق بالأمر والنهي منه؟] ، هذا رد من المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- عَلَى من فهم أن الإمام أبا جعفر أبا جعفر الطّّحاويّ ينكر التأويل بإطلاق فَيَقُولُ: هو لا ينكر التأويل بإطلاق لكن ينكر التأويل بالمعنى البدعي المحدث.
أمور الغيب لا يعلم تأويلها إلا الله