ثُمَّ يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: [فيكونون في نهاياتهم -إذا سلموا من العذاب-] يعني: إذا قدر الله تَعَالَى وكتب لهم حسن الخاتمة قبل الموت وسلموا من الموت عَلَى هذه البدع يكونون [بمنزلة أتباع أهل العلم من الصبيان والنساء والأعراب] بعد أن كانوا في حياتهم ينافسون أهل العلم وينتقدون أهل العلم كما كَانَ الرازي ينتقد البُخَارِيّ ومسلم وهما من هما في المكانة والثقة والتثبت، فهم الآن عند الموت يريدون أن يموتوا عَلَى دين العجائز، عَلَى دين أتباع أهل العلم من العجائز والصبيان والأعراب، حتى المعاصرين منهم المتعمقين في الكلام وأساتذة الكلام المتمرسين فيه في أرقى الجامعات التي تدرس علم الكلام يقولون: دين العجائز هو أصح الأديان! فإذا كَانَ دين العجائز أصح الأديان فلماذا تتعلمون علم الكلام؟! لكن المؤمنون الصادقون وعلماء السلف وأئمتهم عَلَى دين الراسخين في العلم الذين يكشفون الشبهات والذين يقيم الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بهم الحجة عَلَى الناس، وأتباع أهل السنة من العجائز وغيرهم هم أفضل من أولئك، فكيف بأولئك العلماء الأجلاء الذين جعلهم الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- في كل زمان فترة، مقيمين للحجة ينفون عن هذا الدين انتحال المغرضين وتأويل الجاهلين والمبطلين؟!
علماء الكلام يقولون: إن الدين دينان: دين التقليد وهذا ما عليه العوام ويدخلون فيهم العلماء المشتغلين بالحديث؛ لأنهم لم يشتغلوا بعلم الكلام فيقولون: هَؤُلاءِ مؤمنون عَلَى التقليد، ولدوا عَلَى الإسلام وتعلموا القُرْآن والسنة ولم ينقحوا الإيمان ولم يقووه بالدلائل العقلية!
والنوع الآخر إيمان علماءأهل الكلام الذي يقولون فيه: إنه إيمان راسخ، مبني عَلَى العلم، وعلى البرهان، والحجة والدليل. والواقع أن اعترافهم في آخر أعمارهم بأن دين العجائز أفضل مما هم عليه ينفي ذلك أي: أنه تقليد.