الرازي الشيخ الكبير، شيخ المتأخرين منأهل الكلام وإمامهم لما كتب كتاب أساس التقديس لم يسلم منه أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان مما قَالَ: إذا أخذنا بالروايات التي في الصحيحين وغيرهما في الأسماء والصفات، فإن هذا هو مذهب المشبهة والحشوية، والبُخَارِيّ ومسلم ما كانا يعلمان الغيب! هكذا يطعن بغير حجة وبغير علم في الرجال أو في الروايات الصحيحة، فيزعم أنه لا يبعد أن الزنادقة قد أدخلا في كتابيهما أحاديث -أي في الأسماء والصفات- ولم يعلما من هَؤُلاءِ الزنادقة! كيف لا يدري البُخَارِيّ ومسلم ما في كتابيهما وهما مرويان بالسند. بل إنك تجد الذهبي رَحِمَهُ اللَّهُ -وهو متأخر- يترجم في سير أعلام النبلاء لرجل ويقول: ومن طريقه روينا كتاب أبي داود أو كتاب البُخَارِيّ أو كتاب مسلم، ويأتي بالسند من القرن الثامن حتى يصل إِلَى البُخَارِيّ ومسلم وغيرهما.

ثُمَّ تجدالرازي يقول: إنأبا هريرة قال كذا وخطأه فلان في كذا، وعَائِِِشَةَ استدركت عَلَى بعض الصحابة كابن عمر وعَلِيّ وغيرهما، ويأتي ببعض الروايات التي حصل فيها نوع من الخلاف بين الصحابة -رضوان الله تعالى- عليهم ليستشهد بها عَلَى أنه لا يؤخذ قولهم في هذه المسائل وأن الضبط لم يكن دقيقاً!

وقد رد عليه شَيْخ الإِسْلامِابْن تَيْمِيَّةَ في كتابه نقض التأسيس الذي يُسمى بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية ومطبوع بعض الكتاب، ولعله يخرج كاملاً -إن شاء الله- وهو كتاب عظيم ونفيس جداً في الرد عَلَى كتاب أساس التقديس للرازي، وكتاب الرازي مطبوع أيضاً طبعة قديمة في مصر. المقصود أن هذه الأمور التي كانوا يقطعون بها ويوالون فيها ويعادون من أجلها ويتهمون غيرهم ومخالفهم فيها بأنه عَلَى مذهب الحشوية أو النابتة أو غير ذلك، يقر أصحابها عند الموت بأنها كانت باطلاً وخطئاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015