أما العلماء المعاصرون اليوم في الاجتماع والقانون والنفس وأمثال ذلك فإنهم يأخذونها عَلَى أنها آراء لهم، لا أنها تقرب إِلَى الله، فلا يقولون: إنها هي الحق الذي يريده الله، بل يأخذونها عَلَى أساس أنها هي العلم الإِنسَاني الذي لو انتظمت الحياة عليه لصلحت الحياة الإِنسَانية؛ لأنهم يؤمنون مسبقاً بأن الدين لا دخل له في شئون الحياة، ولا يمكن أن ينظم الحياة، ولا يصلح في عصر الحضارة والتطور، لكن يقولون: إن الإِنسَان ارتقى في الماديات، وفي التقنية، وكذلك ارتقى في القانون وفي الاجتماع وفي الفلسفة، ويريدون أن تتواكب العلوم الإِنسَانية مع الزمن الحضاري، وذلك لأن الجانب الإِنسَاني قاصر جداً عن مجاراة التفوق في الجانب المادي؛ لأن الجانب المادي هو مما خُلِق عقل الإِنسَان ليعمل فيه، أما الجانب الآخر فهو مما حجب عنه العقل البشري، فالنتيجة واحدة لا إيمان ولا تقوى، ولا خشية ولا صلة بالله تَعَالَى.
توبة أبي حامد الغزالي في آخر عمره
أبو حامد الغزالي: هو الذي مر الحديث عنه، وانتهى آخر أمره إِلَى الوقف والحيرة في المسائل الكلامية، وألف في آخر عمره كتاب إلجام العوام عن علم الكلام كتبه ليبين أن علم الكلام لا يؤدي إِلَى الثمرة التي يظنها النَّاس منه، عَلَى ما في كتابه من اضطراب وتناقض سبق أن أشرنا إليه.
والمهم أنه أقبل عَلَى حديث رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومات وصحيح البُخَارِيّ على صدره، وأول منزل، وآخر منزل يجب عَلَى الإِنسَان أن يسير فيه من منازل الطريق هو الكتاب والسنة، وليس الأمر كما قال رَحِمَهُ اللَّهُ: أن أول المنازل هو التصوف.
أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي