قَالَ: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بل اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن كَانَ من أهل السعادة فهو ميسر لعمل أهل السعادة، ومن كَانَ من أهل الشقاوة فهو ميسر لعمل أهل الشقاوة، وقرأ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10] }
أذكى النَّاس في الدنيا سألوا هذا السؤال، وأجابهم أعلم الخلق عَلَى الإطلاق بالله عَزَّ وَجَلَّ وبالقضاء والقدر، قال لهم: (اعملوا) وقَالَ: (كلٌ مُيَسرٌ لِمَا خُلِقَ لهُ) وعندما يأتي حديث عبد الله بن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: وأن الملك يكتب عند نفخ الروح أربع كلمات (رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد) نفهم هذا الحديث بنفس كلامعبد الله بن مسعود -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - لما قَالَ: (السعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه) فالمعنى واحد: السعادة كتبت عَلَى الإِنسَان فيسر لها، والشقاوة كتبت عَلَى الإِنسَان فسوف ييسر لعمل أهل الشقاوة. ومع ذلك أمرنا بالعمل. إذاً: لا يوجد لأي إنسان مجال أن يقول نريد في أمور الدين أن نشقق وأن نحلل وأن نوضح؛ لأن هذه التفريعات والتشقيقات والتحليلات لا تزيد الأمر إلا تعقيداً، كما قال هذا الشاعر:
يحللون بزعم منهم عقدا وبالذي وضعوه زادت العقد
فيعقدون المسألة في أي باب من أبواب الإيمان بالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وستأتي النقولات عن أئمة الكلام واعترافاتهم وبعضهم لا يعترف إلا عند الموت كما فعل الجويني، والرازي أو قريب الموت كما فعل الغزالي حين يكون العمر لا يسمح للإنسان بأن يبدأ الطريق من أوله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: