المرتبة الربعة: مرتبة الخلق فأمر علمه الله وكتبه وشاءه، فما المانع من أن يخلقه؟ فخلق الله تَعَالَى هذا الفعل طاعة كَانَ أم معصية.
فإن قَالَ: قائل أمر كتبه الله وشاءه وخلقه إذاً ماذا أعمل؟ نقول: هذا الكلام سبق إليه أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يمكن أبداً أن يأتي أي جيل من الأجيال أذكى وأدق وأعلم من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى في الأمور السياسية، وفي فن القتال، ونحن نتحدى كل العالم في الزمان الماضي وفي المستقبل أن يأتوا في منهج السياسة العادلة الحكيمة مثل سياسة عُمَر -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ- أو في القضاء مثل أي قاضي من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو في فن القتال والتخطيط الحربي مثل أي أحد من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله لا يستطيعون ولن يستطيعوا أبداً، فكيف يكون حالهم في أمر الدين والعقيدة، الذي تفجرت به هذه الطاقات ووجدت هذه المعارف وهذه العلوم التي لا تُحصّل أبداً بدون الإيمان!!
فالصحابة -رضوان الله عليهم- انتبهوا لهذه اللفظة وقالوا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يا رَسُول الله: ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضى عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم فقال لا بل شيء قضى عليهم ومضى فيهم) ، وهذا الحديث صحيح روي بعدة روايات وفي رواية أخرى (قالوا: ففيم العمل يا رَسُول الله؟) .
السؤال سألوه وهم أفضل وأذكى جيل. قالوا: يا رَسُول الله إن كَانَ العمل في أمر قد قضي ومضي وجفت به الصحف ورفعت الأقلام ففي أي شيء العمل؟