[ومن المحال أن لا يحصل الشفاء والهدى والعلم واليقين من كتاب الله وكلام رسوله، ويحصل من كلام هؤلاء المتحيرين؛ بل الواجب أن يجعل ما قاله الله ورسوله هو الأصل، ويتدبر معناه ويعقله ويعرف برهانه ودليله إما العقلي وإما الخبري السمعي، ويعرف دلالته على هذا وهذا، ويجعل أقول الناس التي توافقه وتخالفه متشابهة مجملة، فيقال لأصحابها: هذه الألفاظ تحتمل كذا وكذا.

فإن أرادوا بها ما يوافق خبر الرسول قُبِلَ وإن أرادوا بها ما يُخالفه رُدَّ، وهذا مثل لفظ المركب، والجسم، والمتحيز، والجوهر، والجهة، والحيز، والعرض ونحو ذلك، فإن هذه الألفاظ لم تأت في الكتاب والسنة بالمعنى الذي يريده أهل هذا الاصطلاح، بل ولا في اللغة بل هم يختصون بالتعبير بها عن معاني لم يعبر غيرهم عنها بها، فتفسر تلك المعاني بعبارات أخر وينظر ما دل عليه القرآن من الأدلة العقلية والسمعية وإذا وقع الاستفسار والتفصيل تبين الحق من الباطل مثال ذلك في التركيب فقد صار له معان:

أحدها: التركيب من متباينين فأكثر، ويسمى تركيب مزج، كتركيب الحيوان من الطبائع الأربع والأعضاء، ونحو ذلك، وهذا المعنى منفي عن الله سبحانه وتعالى، ولا يلزم من وصف الله تعالى بالعلو ونحوه من صفات الكمال أن يكون مركبا بهذا المعنى المذكور.

الثاني: تركيب الجوار كمصراعي الباب ونحو ذلك، ولا يلزم أيضا من ثبوت صفاته تعالى إثبات هذا التركيب.

الثالث: التركيب من الأجزاء المتماثلة، وتسمى الجواهر المفردة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015