وقوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ القُرْآن آنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] ومعروف أنه سماع المقروء، ومعناها إن قرأ أحد كلام الله عزوجل فأنصت له واستمع، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن هذا القُرْآن أُنزل عَلَى سبعة أحرف) معناه: إن هذا القُرْآن يقرأ، أو مقروء عَلَى سبعة أحرف، تقرؤونه بسبعة أحرف، المقصود هنا هو المقروء، وهناك آيات وأحاديث تدل عَلَى أن هناك فرقاً، بين القُرْآن بمعنى القراءة، وبين القُرْآن بمعنى المقروء.
أنواع الوجودات
انتقل المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- إِلَى التفريق بين الأعيان وبين المعاني أو الكلام من حيث وجودها أو ظرفيتها في الشيء كما عبر في آخر الكلام السابق، والمراد بهذه المعاني الأربعة؟
يقول: إن الحقائق لها وجود عيني وذهني ولفظي ورسمي، والكلام هذا قد يبدوا أنه صعب لكنه في الحقيقة سهل وبسيط إن شاء الله.
فبين أن الأشياء لها عدة وجودات وجود عيني، ويعني به: وجود العين الحقيقية ذاتها، فمثلاً الجبل وجوده العيني هو المشار إليه عندما تقول: هذا جبل وهو أمامنا، ونحن عَلَى الطبيعة فوجوده هنا اسمه للوجود العيني، والوجود الآخر وجود ذهني، كأن أقول لك: أنا في ذهني جبل معين أتخيله وأتصوره، فهذا تصور ذهني لذات جبل ما، والوجود اللفظي هو عندما أقول: جبل، فأنا لم أقل: شجرة ولا زيد ولا عمرو، وإنَّما قلت: جبل.
وعندما أشير إليه وأقول: هذا جبل فأنا أقصد هذه الألفاظ أي: "جيم وباء ولام" حتى لا يشتبه عندك أني أقول مثلاً جمل، فوجوده هنا وجود لفظي، وهناك وجود آخر يسمى الوجود الرسمي، يعني: الرسم والخط والكتابة كأن أكون كتبت كلمة جبل، فأقول لك هذا جبل، معناه: هذا رسم أو شكل كلمة جبل.