فقوله عن القرآن: وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ [الشعراء:196] أي ذكره ووصفه والإخبار عنه كما أن محمداً مكتوب عندهم، إذ القُرْآن أنزله الله عَلَى محمد، لم ينزله عَلَى غيره أصلاً، ولهذا قَالَ: في الزبر، ولم يقل في الصحف، ولا في الرق؛ لأن "الزبر" جمع "زبور" والزبر هو الكتابة والجمع.

فقوله: وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ أي: مزبور الأولين، ففي نفس اللفظ واشتقاقه ما يبين المعنى المراد ويبين كمال بيان القُرْآن وخلوصه من اللبس وهذا مثل قوله: الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ [الأعراف:157] أي: ذكره بخلاف قوله: فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ [الطور:3] أو فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:22] أو فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ [الواقعة:78]

لأن العامل في الظرف إما أن يكون من الأفعال العامة مثل الكون والاستقرار والحصول ونحو ذلك، أو يقدر: مكتوب في كتاب أو في رق، والكتاب: تارة يذكر ويراد به محل الكتابة وتارة يذكر، ويراد به الكلام المكتوب، ويجب التفريق بين كتابة الكلام في الكتاب، وكتابة الأعيان الموجودة في الخارج فيه، فإن تلك إنما يكتب ذكرها، وكلما تدبر الإِنسَان هذا المعنى وضح له الفرق] اهـ

الشرح:

القرآن في الأصل مصدر، والمصدر تارة يذكر ويراد به القراءة، وتارة يذكر ويراد به المقروء، وهذا موجود في كلام العرب، فالقرآن بمعناه الاصطلاحي الذي هو كلام الله -عَزَّ وَجَلَّ- المقروء فهذا لم يعرف إلا بعد نزول الوحي عَلَى نبينا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكن كلمة قرآن موجودة في كلام العرب من قبل. ويقصدون بها القراءة، وكلمة قرأ قرآناً، أو قرأ قراءةً مترادفتان، فالمعنى واحد ومن ذلك قول الشاعر:

ضحوا بأشمط عنوان السجود له ويقطع الليل تسبيحاً وقرآناً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015