ولم تكن تظن أن مسلماً يُؤمن بالله ورسوله يتهمها بالفاحشة عياذاً بالله، فربما وإن اتهمها المنافقون الذين اتهموها في عصره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لكنها لا يمكن أن تتخيل أنه يأتي لهَؤُلاءِ المنافقين من يعقبهم ويخلفهم في هذا القول ويقتدي بهم وهو ينتسب إِلَى الإسلام وإلى أمة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكانت ترى أن الأمر أقل وأحقر من أن ينزل فيها قرءاناً.

لكن العجيب أنه بعد أن أنزل الله فيها القُرْآن لا يزال الرافضة قبحهم الله ولعنهم يتهمون أم المؤمنين عَائِِِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها ويكذِّبون كلام الله وينسبون إليها ما برأها الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى منه وهذا من أعجب العجب.

وليس العجب من شأنهم هم، فإن أعداء الإسلام من يهود ومجوس يفترون عَلَى الله ورسوله وأصحابه مثل ذلك وأعظم، ولكن أشدُّ العجب هو ممن يسمعهم يقولون ذلك في حق أم المؤمنين ويقرأ ذلك في كتبهم ومع ذلك يخطر بباله أن هَؤُلاءِ من أهل القبلة والعياذ بالله.

فتقول رَضِيَ اللهُ عَنْها: (لشأني في نفسي أحقر من أن يتكلم الله فيّ بوحي يتلى)

والشاهد مما في مقامنا هنا هو: أن الأَنْبِيَاء -صلوات الله وسلامه عليهم- علَّموا أممهم وعلموا أصحابهم أنه -جل شأنه- يتكلم بالوحي وأن هذا الكلام هو الذي يقرأ وهو الذي يتلى، فالآيات التي نزلت في براءتها في سورة النور مثلها في ذلك مثل سائر القرآن، كله كلام الله -عَزَّ وَجَلَّ- أنزله وحياً يُتلى، فنحن نتلوه ونقرأه وهو كلامه جل شأنه.

فلو أن ما تقوله الأشعرية وغيرهم هو الحق، لَمَا جاز للأنبياء أن يسكتوا عن بيانه؛ بل الواجب عليهم أن يقولوا للناس: إذا قرأتم آية فيها كلام الله، أو أن الله يتكلم، فأولوها بأنه خلقه، أو أن الشجرة هي التي تكلمت به أو غير ذلك!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015