فإنهم إذا قالوا: يعلم لا كعلمنا، قلنا: ويتكلم لا كتكلمنا وكذلك سائر الصفات وهل يعقل قادر لا تقوم به القدرة، أوحي لا تقوم به الحياة وقد قال صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) فهل يقول عاقل: إنه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاذ بمخلوق؟
بل هذا كقوله: (أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك) .
وكقوله: (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) .
وكقوله: (وأعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا) كل هذه من صفات الله تعالى.
وهذه المعاني مبسوطة في مواضعها وإنما أشير إليها هنا إشارة] اهـ.
الشرح:
ومما يبين أن القُرْآن غير مخلوق وأنه كلام الله: أن الأَنْبِيَاء جميعاً كما ذكر المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-: أخبروا أممهم بأن ربهم -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كلمهم، وبينوا ذلك للناس، وأن الوحي الذي أنزل عليهم إنما هو كلامه تَبَارَكَ وَتَعَالَى ولم يقل نبي من الأَنْبِيَاء حتى مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن كلام الله مخلوق خلقه الله منفصلاً عنه وإنما كَانَ الصحابة -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم- يفهمون من قولهم: كلام الله أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يتكلم كلاماً يليق بجلاله.
مقولة عائشة بعد نزول القرآن فيها بتبرئتها
ولقد فهمت أم المؤمنين عَائِِِشَةَ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْها- كما جَاءَ في حديث الإفك الطويل أنها كانت تتوقع براءتها لأنها تعلم أنها بريئة رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْها، وبرأها الله وطهرها، ولعن من رماها بالإفك قديماً أو حديثاً لعناً كبيراً، فعندما برأها الله لم تكن تتوقع أن ينزل الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فيها قرآناً يتلى إِلَى قيام الساعة.