فمثلاً فخر الدين الرازي الإمام المتأخر من الأشعرية كتب كتاباً فيمناقب الشافعي يُدافع فيه عن مذهب الشَّافِعِيّ في الفروع، ولكنه في الأصول: كمسألة الإيمان يرجح غير ما رجحه الشَّافِعِيّ، وما ذكره الشَّافِعِيّ هو الصحيح، ونقل الإجماع عليه من الأئمة، ومع ذلك يخالفه!

والعجيب أن أتباع هَؤُلاءِ الأئمة هم من المقلدين المتعصبين للإمام في مسائل نجد أن الأئمة رحمهم الله خالفوا فيها الدليل وهذا لا يستغرب أن أحداً من الأئمة كائناً من كَانَ يكون له فتوى أو رأياً فقهياً مخالفاً للحديث الصحيح، وقد ذكر شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ- أسباب ذلك في كتابه رفع الملام عن الأئمة الأعلام وذكر من الأسباب أنه قد لا يبلغ الإمام الحديث، وقد يفهمه عَلَى غير وجهه أو قد لا يرى صحته وغيرها من الأسباب.

فالمهم أن الإمام قد يخطئ ويكون له بذلك أجر واحد عَلَى اجتهاده. يقول المصنف رحمه الله: أو يذهب إلى قول مخالف للحديث الصحيح، مع أن الأئمة رحمهم الله جميعاً نصوا عَلَى أنه إذا خالف قول أحدهم الحديث الصحيح: فإنه يجب علينا أن نأخذ بالحديث وأن يضرب بأقوالهم عرض الحائط، لكن أتباعهم خالفوهم في هذا الشأن، فيتعصبون لهم أشد التعصب في مسائل فقهية مرجوحة وضعيفة.

ومع ذلك فهم لا يأخذون بأقوالهم في العقيدة التي هي مسائل قطعية إجماعية لم يختلف فيها السلف ولم يختلف فيها الأئمة الأربعة رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم أجمعين: كمسألة القُرْآن لم يختلف أحد من الأئمة الأربعة أن القُرْآن كلام الله غير مخلوق وسنرى ماذا قاله الأتباع وماذا قال أئمتهم.

فمثلاً يأتي الحنفي فَيَقُولُ: إن شرب النبيذ حلال ما لم يسكر، وأن قليل الخمر الذي لا يسكر حلال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015