فيُقال له: إن هذا خلاف حديث النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن الأمر ليس مجرد الإسكار فقط بل الخمر قليلها وكثيرها حرام، كما قال النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) (وكل مسكر خمر) ومع ذلك يقولون: لا، ويصرون عَلَى كلام الإمام.
وفي مذهب الحنفية: أنه إذا ضحك أحد في الصلاة يجب عليه أن يتوضأ، مع أن القهقهة لا تنقض الوضوء، ولم يثبت في ذلك حديث صحيح عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكنَّ أبا حنيفة -رَحِمَهُ اللهُ- ذكر ذلك فاتبعوه وتمسكوا بقوله أشد التمسك، ولا يقرون بأن أبا حنيفة أخطأ في هذه المسألة، بل الكرخي -أحد أئمتهم المتأخرين- يقول: كل حديث أو قول ليس في مذهبنا فإن الدليل أو الحديث الدال عليه إما منسوخ أو ضعيف أو مؤول والعياذ بالله، ولو كَانَ في صحيح البُخَارِيّ، أو كَانَ غير منسوخ من شدة تعصبهم لكلام الأئمة.
وكذلك الشافعية يأتون مثلاً إِلَى أمور مرجوحة كمسألة اللمس أو المس. فمجرد ملامسة البشرة للبشرة عندهم تنقض الوضوء، مع أن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لمس ولمسته أمهات المؤمنين وقبَّل نسائه ولم يتوضأ) ومع ذلك فهم يقولون: إن مجرد اللمس ينقض الوضوء ويتحرجون من ذلك تحرجاً شديداً حتى أن الإِنسَان إذا توضأ يأخذ عَلَى يده أي شيء حتى لا يلمس يد زوجته وهو لا يقصد الشهوة ولا يقصد أي شيء، لكن هذا من شدة التمسك بالمذهب.
فنقول لهم: مع هذا التمسك الشديد في الأمور الفرعية أين التمسك بالأصول القطعية المجمع عليها؟ فالإِنسَان في المسائل الفقهية بين الخطأ أو الصواب ولكنه في أمور العقيدة بين الكفر أو الإيمان، وبين السنة أو البدعة، فأيهما أولى بأن نكون حريصاً عليه؟