وإذا تعدى إِلَى مفعولين لم يكن بمعنى خلق قال تعالى: وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً [النحل:91] وقال تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً [البقرة:224] وقال تعالى: الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآن آنَ عِضِينَ [الحجر:91] وقال تعالى: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ [الإسراء:29] وقال تعالى: وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ [الإسراء:39] وقال تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً [الزخرف:19] ونظائره كثيرة فكذا قوله تعالى: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الزخرف:30] اهـ.

الشرح:

إن من يستدل عَلَى أن القُرْآن مخلوق بقوله: إن جعل تأتي بمعنى خلق، شبهته باطلة فاسدة؛ لأنهم يقولون: أليس جعل تأتي بمعنى خلق في لغة العرب؟

فيقول اللغويون لهم: نعم.

فيقولون: إن الله تَعَالَى يقول: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أي خلقناه قرآناً عربياً إذاً فالقرآن مخلوق.

يريدون أن يفحموا، ويلزموا بهذه الشبهة الواهية لمن تأملها وتدبرها، ويجاب عليهم بأن الفعل الماضي (جعل) يأتي في لغة العرب ناصباً لمفعولين، فإن أتى ناصباً لمفعول واحد، فهو بمعنى خلق أو قريباً من معناها مثل قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور [الأنعام:1] جعل بمعنى خلق الظلمات والنور فـ"جعل" فعل ماضي والفاعل ضمير مستتر يعود إِلَى لفظ الجلالة، و"الظلمات" مفعول به وكذا قوله َجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء: 30] نفس الأولى "جعل" فعل ماضي و"نا" ضمير فاعل و"كل" مفعول به.

وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِي [الأنبياء:31] رواسي مفعول به، وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً [الانبياء:31] أيضاً مفعول واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015