[والمراد من قوله: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الرعد:16] أي كل شيءٍ مخلوق وكل موجود سوى الله تَعَالَى فهو مخلوق، فدخل في هذا العموم أفعال العباد حتماً، ولم يدخل في العموم الخالق تعالى، وصفاته ليست غيره لأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الموصوف بصفات الكمال، وصفاته ملازمة لذاته المقدسة لا يتصور انفصال صفاته عنه، كما تقدم الإشارة إِلَى هذا المعنى عند قوله: ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه، بل نفس ما استدلوا به يدل عليهم، فإذا كَانَ قوله تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مخلوقاً لا يصح أن يكون دليلاً] اهـ.
الشرح:
بين المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ معنى العموم في قوله تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ حيث يقول إن الله تَعَالَى خالق كل شيء مخلوق كل ما سوى الله تَعَالَى فهو مخلوق، فالله خالق كل شيء سواه، فلا يدخل في ذلك صفاته تعالى، ويُقَالَ: إنها مخلوقة؛ لأن صفاته تَعَالَى ليست ذواتاً منفصلة مستقلة، وإنما هي صفات لذاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيقول إنه لا يدخل في العموم الخالق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولكن يدخل فيه أفعال العباد ونص عَلَى هذا الكلام في هذا الموضع لأن المعتزلة يقولون: إن العبد يخلق فعل نفسه، وهم الذين يقولون: إن القُرْآن مخلوق فيجمعون بين قولهم: إن القُرْآن مخلوق وبين قولهم: إن العبد خالق لأنه يخلق فعل نفسه.
فَيَقُولُ: إذا كانت الآية عَلَى عمومها: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ إذاً: فهو خالق أفعال العباد؛ لأن أفعال العباد تدخل ضمن كل. فهذا مما يلزمكم ويفحمكم.
أما صفات الله عَزَّ وَجَلَّ ومنها كلامه، فإنها لا تدخل في عموم كل، لأن صفاته تَعَالَى لا يتصور انفصالها عنه، بل هو الموصوف سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بجميع صفات الكمال، كما تقدم في قوله [مازال بصفاته قديما قبل خلقه] .