نقول: هذا كلام الله قام بغيره [ولو صَحَّ ذلك لَلَزِمَ أن يكونَ ما أَحَدَثه مِن الكلام في الجمادات كلامه!] وغيرها كلامه، وبناءاً عَلَى كلامهم فإنه يمكن أن يكون كل كلام فإن الله هو الذي تكلم به وإنما قام بغيره، وعلى هذا لا يستقر للناس نظر ولا عقل.
وذكر المُصْنِّف أن الجلود تقول: أنطقنا الله، ولم تقل: نَطَقَ الله، فالله عَزَّ وَجَلَّ هو الذي انطقها وهي التي تتكلم، وعلى كلام المعتزلة وأمثالهم يكون الكلام كلامه والنطق نطقه قام بغيره، وهكذا الاتحادية أي: أصحاب الاتحاد الذين يقولون: إن الخالق والمخلوق متحدان في ذات واحدة -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- يقول: طردوا ذلك، أي عمموه وجعلوه قاعدة مطردة، فهذا اللازم الذي نَحْنُ نلزم به المعتزلة والكلابية ينفي أن يكون كلام أي شيء هو ما قام في غيره، هذا جعلته الاتحادية هو الحقيقة، ولهذا الاتحادية يقولون: إن كل متكلم في الوجود هو الله، وقد جَاءَ المُصْنِّف بكلام ابن عربي:
وكُلُّ كَلامٍ في الوُجُودِ كلامُه سَوَاءٌ عَلَينا نَثْرُهُ وَنِظَامُهُ
فكل متكلم عندهم هو الله، حتى أن هذا الخبيث الكافر ابن عربي قَالَ: لما قال فرعون أنا ربكم الأعلى كَانَ صادقاً.
فإنه ما تكلم إلا الله -والعياذ بالله- فهو الذي قال أنا ربكم الأعلى، وكلام موسى كلام مَن؟!
إذاً كَانَ كله كلام الله، فكيف يكون كلامفرعونهو كلام الله، وكلام موسى هو كلام الله، إذاً كلام الله يناقض بعضه بعضاً، وهذا المذهب واضح البطلان، وواضح التهافت، ومن وضوح بطلانه وفساده وكفر صاحبه وردته نستدل به عَلَى الكلابية والأشعرية والمعتزلة، لأنه يُلزم من كلامهم هذا الشيء، إلا أن يثبتوا أن كلامه جل شأنه هو الذي تكلم به سبحانه عَلَى الحقيقة، وكلام المخلوقات هو الذي خلقه فيها، وهو الذي أنطقها به، فالكلام كلامان كلام الله عزوجل غير مخلوق، وكلام المخلوقات وهو الكلام المخلوق.