ومما أورد الإمام البُخَارِيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أيضاً في هذا الباب كلام الرب لجبريل في باب كلام الله مع الملائكة وأورد فيه الحديث الصحيح المعروف (إن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى إذا أحب عبداً، نادى جبريل، فَيَقُولُ: يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه ... ) الحديث.

فهذا كلام من الله عزوجل يخاطب به جبريل، وجبريل يسمعه. وأورد أيضاً حديثاً آخر وهو حديث: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويصعدون إِلَى الجبار تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فيسألهم -وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون) وهذا خطاب بين الله تَعَالَى وبين الملائكة، وأمثال ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة التي يخاطب الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فيها خلقه، كما خاطب الملائكة لمّا خلق آدم عَلَيْهِ السَّلام، وكما خاطب موسى عَلَيْهِ السَّلام، وكما يخاطب يَوْمَ القِيَامَةِ المؤمنين في الجنة ويخاطب الملائكة.

ومما ذكره الإمام البُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ أيضاً: خطاب الله تَعَالَى لأهل الجنة وهو: (إن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى إذا أدخل أهل الجنة الجنة يسألهم جل شأنه فَيَقُولُ: يا أهل الجنة فيقولون: لبيك ربنا وسعديك فيقول لهم الرب تَبَارَكَ وَتَعَالَى: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين؟ فَيَقُولُ: أفلا أعطيكم ما هو أفضل من ذلك! فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك يا رب؟ فيقول أن أرضى عليكم فلا أحل عليكم سخطي أبداً) .

وهذا تفسير لقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [التوبة:72] فرضوان الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أكبر من كل نعيم نسأل الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أن يجعلنا وإياكم من أهل رضوانه وجنته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015