ويذكر الإمام البُخَارِيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أيضاً في باب كلام الرب تَبَارَكَ وَتَعَالَى لأهل الجنة حديث (إن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إذا أَدْخَلَ أهل الجنة الجنة يناديهم) ، ومنها حديث آدم: (يقول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يا آدم يا آدم، فيقول لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لبيك وسعديك، فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إِلَى النار) هكذا الرواية، وكما هو معلوم أن البعث إِلَى النَّار بأن يخرج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إِلَى النار، وواحداً إِلَى الجنة، ولذلك لما جزع أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك أخبرهم أن هَؤُلاءِ هم من قوم يأجوج ومأجوج نسأل الله العافية، وأن الأمة المحمدية ما هي في بقية الأمم إلا مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود.

وفي الحديث الآخر الذي رواه الإمام البُخَارِيّ أيضاً في هذا الباب معلقاً (أنه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ينادي عباده يَوْمَ القِيَامَةِ بصوت يسمعه من بَعُدْ كما يسمعه من قَرُبْ) ، وفي ذلك دليل عَلَى أن كلام الله عَزَّ وَجَلَّ يختلف عن كلام جميع المخلوقين، فقوله: (يسمعه من بَعُدْ كما يسمعه من قَرُبْ) هذا خاص بكلامه جل شأنه (فيقول لهم الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنا: الملك أنا الديان) حتى يسمع ذلك كل من في المحشر فتكون العبرة العظة لنا في هذه الحياة الدنيا، ولكل من يتكبر ويتجبر عَلَى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فحينما يقول يَوْمَ القِيَامَةِ (لمن الملك اليوم) ، فلا يجيب أحد من شدة الهول ومن كرب الموقف، فيجيب عَلَى نفسه، (لله الواحد القهار) نسأل الله أن يرحمنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015