ولكن ما ذكره بعد ذلك واضح، وهو مثلاً قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ ِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ [آل عمران:77] فنفى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى التكليم عن أُولَئِكَ القوم الذين يشترون بآيات الله وبعهده وأيمانهم ثمناً قليلاً عقوبة لهم، وبين أن معناه أنه لا يكلمهم كلام تكريم، وإلا فإنه يقول لهم: اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108] فيكلمهم، لكن لا يكلمهم كلام تكريم.
من أدلة تكليم الله عز وجل لمن يشاء من خلقه
لو قلنا عن الله تعالى: إنه لا يتكلم بالكلية، لاستوى في ذلك الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً، والذين يعلمون الصالحات من الأَنْبِيَاء والصديقين.
ويدل عَلَى ذلك الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ وهي أحاديث كثيرة كما ذكر المُصْنِّف هنا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ".
ويقول لهذا المؤمن: ألم أعطك ألم أغفر لك؟ فيكلمه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- حين يدنيه منه بكلام التكريم، وهذا يختلف عن الكلام الذي هو من جنس كلامه لأهل النَّار والعياذ بالله الذين لا يكلمهم، بمعنى: أنه لا يكلمهم كلام رضى، وإنما كلام الإهانة والسخط اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108] .