قَالَ المُصْنِّفُ رحمة الله:
[وقولُ الشيخ رَحِمَهُ اللَّهُ: وإنَّ القُرْآن كلامٌ الله "إنّ" بكسر الهمزة عطفٌ عَلَى قولهِ: "إنّ الله واحد لا شريك له" ثُمَّ قَالَ: وإنَّ محمداً عبده المصطفى، وكسر همزة (إنّ) في هذه المواضع الثلاثة لأنها معمول القول، أعني قوله في أول كلامه: نقول في توحيد الله.
وقوله: كلام الله منه بدا بلا كيفية قولاً، رد عَلَى المعتزلة وغيرهم، فإن المعتزلة تزعم أن القُرْآن لم يبدُ منه، كما تقدم حكاية قولهم، قالوا: وإضافته إليه إضافة تشريف، كبيت الله، وناقة الله، يُحرِفوُن الكلم عن مواضعه، وقولهم باطل.
فإنَّ المضافَ إِلَى الله تَعَالَى مَعَانٍ وأَعْيَان، فإِضَافةُ الأعيان إِلَى الله للتشريف، وهي مخلوقة له، كبيت الله، وناقة الله، بخلاف إضافة المعاني، كعلم الله، وقدرته، وعزته، وجلاله، وكبريائه، وكلامه، وحياته، وعلوه، وقهره، فإن هذا كلُّه من صفاته، لا يُمكن أنَّ يكون شيء من ذلك مخلوقاً] اهـ.
الشرح:
القاعدة في اللغة العربية أن الهمزة بعد القول تكون مكسورة دائماً، وهذا يقول: [وإن القُرْآن كلام الله] هذا عطف عَلَى ما سبق في أول العقيدة، ثُمَّ يقول: [منه بدا بلا كيفية] أي نَحْنُ لا نفسر الكيفية ولا نعرفها وقوله: [بدا] يمكن أن تكون [بدأَ] من البدء، ويمكن أن تكون [منه بدا] أي ظهرَ، والذي مشى عليه المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- هو أن كلمة بدا من بدا يبدو، وبعض العلماء يقول: "منه بدأَ وإليه يعود" فالعبارة هنا بعد ذكر [وإليه يعود] يترجح أن تكون بدأَ من البدء لأن البدأَ يقابله العودة، لكن الإمام الطّّحاويّ هنا لم يذكر كلمة [وإليه يعود] وإن كَانَ هو يؤمن بها، فبقي الأمر محتملاً للاحتمالين.