[وتاسعها: أنه تَعَالَى لم يزل متكلماً، إذا شاء، ومتى شاء، وكيف شاء، وهو يتكلم بصوت يسمع، وأن نوع الكلام قديم، وإن لم يكن الصوت المعين قديماً، وهذا المأثور عن أئمة الحديث والسنة]
مذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يتكلم إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن الله يتكلم بصوت يسمعه من يريد اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أن يسمعهم ذلك الصوت، وأن نوع الكلام قديم، وإن لم يكن الصوت المعين قديماً، وأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يتكلم بما شاء في الأزل في ما لا أول له أو في ما لا نهاية له كما شاء، لا حجر عَلَى ذلك أبداً، وهذه العبارة رد عَلَى الكرامية أصحاب المذهب الخامس الذين قالوا: إن الكلام تحول من الامتناع الذاتي إِلَى الإمكان الذاتي، أي كَانَ ممتنعاً ثُمَّ تكلم ويتفلسفون في ذلك، كما ذكرنا في قضية حوادث لا أول لها، لكن مذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ أنه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يتكلم كما يشاء في أي وقت شاء، وكذلك في الأزل فيما لا أول له، فالنوع قديم، وأما آحاد أو أعيان الكلام فإنها متجددة -مثلاً- أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لما كلم موسى هل كلمه بما كلم به الملائكة لما خلق آدم؟ لا.
إنما تكلم مع الملائكة، ثُمَّ تكلم مع موسى، وهكذا نجد أن سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يخاطب من شاء ويتكلم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كما يشاء متى شاء، وأما الكيفية فكما قلنا في جميع الصفات: إن كيفية كلام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أمر لا يستطيع العبد أن يدركه، وإنما نثبت ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الكلام بالصوت الذي يسمعه المخاطب الذي يريد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مخاطبته وإعلامه وإفهامه به، كما سيأتي إن شاء الله في تفصيل الأدلة عَلَى ذلك، والمقصود أن نعلم أن هذا هو مذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ.