فلماذا التعب والحفظ للسند والمتن؟ فهذا ليس إسلاماً بل الإسلام لا يثبت إلا عَلَى قدم التسليم والاستسلام، وأكثر النَّاس تسليماً واستسلاماً هم أكثر النَّاس وأقواهم إيماناً بما جَاءَ عن رَسُول الله، ولهذا لما قيل للصديق -رضي الله عنه-: إن صاحبك زعم البارحة شيئاً عجيباً أنه ذهب إِلَى بيت المقدس ثُمَّ عرج به إِلَى السماء -قالته قريش لأبِي بَكْرٍ - فقَالَ: إن كَانَ قال ذلك فقد صدق، مع أنه قال شيئاً لا تصدقه العقول لكنه صادق ولا يمكن أن يعارض، وفي يوم الحديبية لما لم تكن القلوب قد بلغت السكينة منها مبلغها أخذ الفاروق عُمَر -رضي الله عنه- يصيح ويقول ألست رَسُول الله؟! ألسنا عَلَى الحق؟! ألسنا الْمُسْلِمِينَ أليسوا بمشركين؟! نرضى بالدنية في ديننا؟ فكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يقول يا عُمَر! "إنه رَسُول الله "، يعلم أنه مادام رَسُول الله فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعارض قوله بما يخيل إلينا أنه مصلحة، فنلغي العقل ونلغي المصلحة إذا كَانَ في مقابل النص ومقابل قوله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهنا تكون حقيقة الإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015