فسهل يريد أن يقول: نَحْنُ معاشر الصوفية وأئمة الصوفية لسنا حلولية ولا اتحادية، يقصد نفسه ومشائخه وطبقتهم ومن قبلهم كالجنيد والمحاسبي وأمثاله.

فَيَقُولُ: نَحْنُ عَلَى مذهب أهل السنة ونحن نصف الله بهذا الشيء وينقل ذلك عنه القشيري لهذا الغرض، والمصنف ينقل هذا الكلام لغرض أن السلف ورد عنهم إثبات الحد وورد عنهم نفي الحد، هذا هو المقصود، ونحن -أهل السنة - لنا نقولات غير هذا النقل، فقد نقل الشيخ سليمان بن سحمان في حاشيته عَلَى كتاب لوامع الأنوار البهية (1/201) نقولاً كثيرة عن شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ وغيره أنه ورد عن السلف إثبات الحد ونفيه، وهذا يدلل عَلَى صحة ما ذهب إليه المصنف.

الخطأ الذي وقع فيه بعض شراح كلام الطحاوي

أطلق الإمام الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللَّهُ النفي فقَالَ: [وتعالى عن الحدود] والعبارة تحتمل الحق وتحتمل الباطل، مما فتح الباب لأي رجل مبطل بأن يقول: إن الإمام الطّّحاويّ ينفي الحد بمعنى ينفي المباينة وهذا ما وقع لبعض الشراح فَقَالُوا: إن الإمام الطّّحاويّ ينفي الحد لأنه قَالَ: [تعالى عن الحدود] .

إذاً هو يقول: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته، أو أنه في كل مكان؛ لأنه نفى عنه الحدود، وهذا خطأ ولبس في فهم العبارة جَاءَ نتيجة استخدام لفظة محتملة، والألفاظ المحتملة لا تستخدم -كما قلنا- إلا ومعناها مبين أو مفصل، فإذا احتجنا أن نستخدم عبارة لم ترد في الكتاب والسنة فلا نستخدمها إلا مفصَلة أو موضَّحة، فلما أرادوا أن يوضحوا أن الله تَعَالَى فوق العرش وأن ينفوا الحلول والممازجة بينه وبين خلقه، قالوا كما قال ابن المبارك: هو فوق العرش، بائن من خلقه بحد، أي: مباينة بانفصال، والحد في اصطلاح المناطقة هو التعريف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015