ولكننا نهتم بالتربية والتزكية وبالأذكار والأوراد، لكننا في باب الصفات عَلَى عقيدة الإمام أَحْمَد ومنهم القشيري وهو ينقل عن الشيخ أبى عبد الرحمن السلمي وهو أقدم طبقة من طبقة القشيري وقد ألف في التصوف، وهو من الناحية الحديثة رجل وضاع وكذاب، لكن عند الصوفية إمام جليل معتبر لا يداني رتبته عندهم إلا قليل.

وهو ينقل بالسند عن أئمة التصوف ونحن لا نأخذ منه الحديث، لكن نأخذ نقوله عن أئمة الصوفية على أنه رجل من الصوفية يكتب عنهم، وله من الكتب المطبوعة مثلاً الملامية أو الملامتيه [يقول: سمعت أبا منصور بن عبد الله بسنده إِلَى سهل بن عبد الله التستري وهو الإمام المتصوف المشهور، يقول وقد سئل عن ذات الله فقَالَ: ذات الله موصوفة بالعلم، غير مدركة بالإحاطة ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا، وهي موجودة بحقائق الإيمان من غير حد ولا إحاطة ولا حلول، وتراه العيون في العقبى، ظاهراً في ملكه وقدرته، وقد حجب الخلق عن معرفة كنه ذاته، ودلهم عليه بآياته، فالقلوب تعرفه، والعيون لا تدركه ينظر إليه المؤمن بالأبصار، من غير إحاطة، ولا إدراك نهاية] اهـ.

وهذا الكلام يسوقه القشيري لغرض، ويسوقه المُصْنِّف هنا لغرض، أما القشيري فيسوق هذا الكلام ليدلل عَلَى أن أئمة التصوف هم في العقيدة عَلَى مذهب السلف وهذا هو مقصوده.

فَيَقُولُ: إن ذات الله تَعَالَى موصوفة بالعلم وليس مجرد إثبات لصفة العلم لله؟ لا. لكن توصف بالعلم، أي نَحْنُ نعتقد في الله عَزَّ وَجَلَّ صفات من خلال العلم أي من خلال ما يرد إلينا من الكتاب أو السنة وليست بالرأي، وإنما يوصف الله بالعلم أي بالدليل والله أعلم، هذا ظاهر العبارة.

قوله: [غير مدركة بالإحاطة ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا] كلام حسن مأخوذ من معاني القرآن، وقوله: [وهي موجودة بحقائق الإيمان] أي: وجودها ثابت بحقائق الإيمان في القلب، من غير حد ولا إحاطة ولا حلول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015