والمعنى للحد الثاني [وأما الحدَّ بمعنى العلم والقول، وهو أن يحده العباد، فهذا منتفٍ بلا منازعة بين أهل السنة] .

التوفيق بين ماورد عن السلف من نفي الحد وإثباته

وقد ورد عن الإمام أَحْمَد وعبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وعن غيرهم من أئمة السلف عبارات فيها إثبات الحد وعبارات فيها نفي الحد، فكيف توفق بين النفي والإثبات للحد؟

الجواب: أننا نقول: الحد له معنيان، المعنى الأول بمعنى المباينة والانفصال، وهذا هو مراد من أثبته، فإذا قالوا: بحد، أي: نثبت أن الله عَلَى العرش يُحد، أي: بمباينة وانفصال عن المخلوقات، لأن المخلوقات محدودة بلا شك ولها نهاية، وهو سبحانه لا يحل فيها ولا تحل فيه، والمعنى الآخر هو: معنى القول أو العلم، وهو المعنى المنفي، هل يحده المخلوقون؟

فَيَقُولُ: ومرادهم بقولهم ليس له حد، أي أن المخلوقين لا يستطيعون أن يحدوا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أي أن يعلموا له حداً، بمعنى أن يعلموا أن له كيفية لأن عقولهم تتقاصر عن ذلك، فإذا لا تناقص في كلام السلف، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم، فهم أعلم النَّاس وأثبتهم وأوثقهم، ولكن المسألة أن كلمة الحد لها معنيان.

قول أئمة التصوف: نحن على مذهب الإمام أحمد في العقيدة

قال أبو القاسم القشيري في رسالته، الرسالة وهي من أقدم الكتب المؤلفة في شرح أحوال أهل التصوف وأقدم منه كتاب اللمع للطوسي، قيل توفي في نهاية القرن الرابع.

ثُمَّ تلاه القشيري فألف كتاب الرسالة ينقل عن أئمة الصوفية أمثال الجنيد وسهل بن عبد الله ورويم، والمحاسبي وأمثالهم ما يقولونه وهَؤُلاءِ كانوا -بعضهم أو كثير منهم- يظهرون عباراتالسلف الصالح في الأسماء والصفات؛ لأنهم كانوا ينتسبون إِلَى أهل الحديث إما حقيقة وإما ادعاءً والله أعلم بالبواطن، أمثال هَؤُلاءِ يقولون: إنهم عَلَى مذهب الإمام أَحْمَد في العقيدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015