فقال الإمام أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّهُ: أقول في ربي عَزَّ وَجَلَّ أنه كما قَالَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:1-4] وأما الجسم وأمثاله فلا نقول فيه لا نفياً ولا إثباتاً؛ لأن هذا شيء لم يأت لا في الكتاب ولا في السنة ولم يبلغنا عن السلف فلا يلزمني شيء، ولا يلزمني أنه جسم، وهكذا استمر الأمر في أكثر المناظرات.
فهذه قاعدة عظيمة أرساها الإمام أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّهُ، وقد أخذها عمن قبله من العلماء ونقلوها لنا، وهي: أننا في كل المعاني المحدثة أو الألفاظ التي تحتها معاني محدثة، فإننا لا ننفي ولا نثبت إلا ما جَاءَ في الكتاب أو السنة أو أقوال السلف هذا هو الذي نستخدمه، وما عدا ذلك فإننا نستفصل: ماذا تريد أيها المثبت؟ وماذا تريد أيها النافي؟ فإن ذكر معنىً حقاً، وقَالَ: أنا أريد بنفي الحدود نفي الجهة، أنا أنزه الله تَعَالَى عن الحلول عن الحركة، وأقصد تنزيه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عن أن يشبه المخلوقات، قلنا: المراد صحيح ولكن عبارتك خاطئة، فعليك أن تنزه الله بما نزه به نفسه أو نزهه به رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا تتعدي ذلك ولا تخرج عنه.
وإن قَالَ: أنا أقصد بنفي الانتقال ونفي الحركة به أن الله لا ينزل إِلَى السماء الدنيا في الثلث الأخير من كل ليلة، قلنا له: أخطأت وهذا كلام أهل البدع: يردون الحديث الصحيح الثابت المتواتر بأمثال هذه الجدليات والعقليات التي لا أصل لها من الشرع، فلفظك مبتدع ومعناه مبتدع، فنرد اللفظ والمعنى معاً.