وإذا نظرت في أي كتاب من كتب الكلام وكتب العقائد البدعية كالأشعرية والاعتزالية فإنك لا بد أن تجد هذه العبارات عنده، ومن الممكن أن تسأل أيّ واحد منهم السؤال البسيط الذي سأله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجارية التي كانت ترعى الغنم، فعدا الذئب عليها وأخذ منها غنمة فجاء معاوية بن الحكم فصكها، ثُمَّ ندم عَلَى ضربها واستشعر الظلم؛ فأراد أن يكفر عن هذه اللطمة بأن يعتقها، وكانت أمهُ قد نذرت أن تعتق أمة مؤمنة، فيكون بذلك قد أرضى أمه حيث أعتق عنها ووفَّى بنذرها، وأحسن إِلَى هذه الجارية، لكنه لا يدري أتجزئ هذه الرقبة أو لا تجزئ لأنها أعجمية، ولا يدري حقيقة إيمانها؟! فذهب بها إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقَالَ: (يا رَسُول الله! إن أمي عليها عتق رقبة وإن هذه الجارية ترعى لي الغنم، وإن الذئب قد عدى عَلَى الغنم فأخذ منها شاة، وأنا بشر آسف كما يأسفون، فصككتها صكة فهل تجزئ في العتق) ؟!

والحديث صحيح رواه مسلم في صحيحه ورواه الإمام أَحْمَد في أكثر من موضع من المسند ورواه كثير من العلماء ولا شك في صحة هذا الحديث، والمراد معرفة أن هذه الجارية مؤمنة أم غير مؤمنة؟ وليس المراد هنا أعلى درجات الإيمان، وإنما إثبات إسلامها، فسألها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أوضح شيء في العقيدة (فَقَالَ لها: أين الله؟ فقالت: في السماء، وأشارت بإصبعها إِلَى السماء) هذا هو السؤال الأول أجابت عليه بالإجابة الصحيحة.

والسؤال الثاني: (قَالَ: من أنا؟ قالت: أنت رَسُول الله، قَالَ: أعتقها فإنها مؤمنة) أي: مسلمة فعتقها يجزئ؛ لأنها من هذه الأمة ومن الْمُسْلِمِينَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015