فيها دليل عَلَى إثبات القدر والمقادير أو التقدير.

فأول ما خلق الله القلم قال له: اكتب فكتب مقادير كل شيء، فلا يقع بعد ذلك شيء في الدنيا إلا وهو موافق ومطابق لما كتبه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا يمكن أن يرد أحد من النَّاس ما قدره الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وقضاه.

وقد سبق شرح هذا في مبحث الإرادة.

ومن أركان الإيمان الستة: أن يؤمن الإِنسَان بالقدر أي: بأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عالم بكل شيء، وذلك قبل أن توجد هذه الأشياء وقبل أن تخلق، وأنه قدر كل ما كَانَ وما سيكون وكتب ذلك عنده، وأن الخير والشر من عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا يتنافى هذا مع ما قد سبق تقريره من أن سبب الخير فضل من الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وسبب الشر ذنب العبد، ثُمَّ إن ما كتبه - سبحانه - وقدره لا معقب له، ولا راد لقضائه بأي وجه من الوجوه، بل كما قال النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت عَلَى أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا عَلَى أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف) .

فهذا دليل من أدلة كثيرة عَلَى أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد كتب القدر، وقدر المقادير أو التقدير.

الفرق بين القدر والتقدير

والتقدير بمعنى: الخلق ومقادير المخلوقات بمعنى الموازين التي توزن به، وخلق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كل شيء بقدر قال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (الفرقان:2] فقوله: فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً هو من هذا الباب أيضاً من باب التقدير الذي هو بمعنى وضع الأمور أي بخلق كل شيء، عَلَى مقتضى الحكمة التي قدرها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وشاءها، فهذه مقادير المخلوقات من الحياة والموت، ومن الحجم والطول والعرض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015