وأن الناظر إِلَى الآيات الكونية والآيات النفسية والآيات الآفاقية، يجد أنها تدل دلالة قاطعة ليس معها شك ولا ريب عَلَى أن الذي خلق هذه متصف بصفة العلم، وأن هذا العلم لا يمكن للمخلوق أن يتصوره ولا يمكن للإدراك البشري أن يصل إليه عَلَى الإطلاق. هذه أدلة فطرية وحسية وعقلية يسقط معها ويتهافت. قول من يقول: إننا لا نثبت لله تَعَالَى العلم، بل ننفي عنه الجهل.

ولا يدخل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تحت قياس البشر لا في قياس التمثيل، ولا في قياس الشمول، يقول: (بل كل ما ثبت للمخلوق من كمال فالخالق أحق به وكل نقص تَنزّه عنه مخلوقاً ما فتنزيه الخالق عنه أولى) ، وهذه القاعدة يمكن أن نضيف إليها قيداً فنقول: (كل ما ثبت للمخلوق من كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أولى به) .

هذه هي الفقرة الثامنة عشر المتعلقة بإثبات صفة العلم لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والرد عَلَى من أنكرها. والأدلة عَلَى إثبات العلم أكثر من هذا وإنما المقصود هنا التعرض لمذهب الجهمية النفاة وبيان بطلانه عقلاً ونقلاً.

ثُمَّ تأتي الفقرة التاسعة عشرة.

قال أبو جعفر الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

[وقدَّر لهم أقداراً]

قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

[قال تعالى:: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً [الفرقان:2] وقال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49] وقال تعالى: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [الأحزاب:38] وقال تعالى: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى [الأعلى:3،2] ، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه عَلَى الماء) ] اهـ.

الشرح:

أقول: إن جملة: [وقدر لهم أقداراً] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015