وتقدير الأمور هو أيضاً من خلق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، كما قال سبحانه: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى [الأعلى:2-3] فهذا من "التقدير" لا من "القدر"، وإن كَانَ المعنى اللفظي واحد، والفرق بينهما أن القدر الذي هو ركن من أركان الإيمان وهو الإيمان بأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى علم كل شيء، وكتبه، وقضاه، وقدره، وأنه لا يقع إلا وفق ما علمه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وكتبه وقدره وقضاه، وأنه لا يخرج عن هذا الأمر شيء، وأما إيماننا بتقدير الله مقادير المخلوقات فهذا جزء من إيماننا بأنه هو وحده الخالق، الحكيم، البارئ، المصور سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذا الحديث قد سبق أن شرحناه وشرحنا قوله: وإن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه عَلَى الماء.
ولم يخالف في إثبات القدر إلا القدرية ومن المعلوم أن مراتب القدر أربع: ومن القدرية من خالف في إثبات المرتبة الأولى وهي العلم، وهذه أقل فرقهم وقد سبق أن ذكرنا أن من أنكر العلم من القدرية فهو كافر.
أكثر الاختلاف في القدر هو في باب أفعال المخلوقين
أكثر الخلاف في القدر هو في أفعال المخلوقين وليس في العلم، ولهذا جَاءَ بالجملة التالية وهي امتداد لهذه الجملة، ليرد بذلك علىالمعتزلة الذين يقولون: إن الآجال ليست من تقدير الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أو أن الآجال تقع خلاف ما كتب الله عَلَى النحو الذي سنفصله.
يقول أبو جعفر الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
[وضرب لهم آجالا]
قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: