وهذا معنى قول من قال من المفسرين: إن معناه: أهل السموات يعظمونه ويحبونه ويعبدونه، وأهل الأرض كذلك، وإن أشرك به من أشرك، وعصاه من عصاه، وجحد صفاته من جحدها، فأهل الأرض معظمون له مجلون، خاضعون لعظمته، مستكينون لعزته وجبروته، قال تعالى: وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ [الروم:26] .

الثالث: ذكر صفاته والخبر عنها، وتنزيهها من العيوب والنقائص والتمثيل.

الرابع: محبة الموصوف بها وتوحيده، والإخلاص له، والتوكل عليه، والإنابة إليه، وكلما كَانَ الإيمان بالصفات أكمل، كَانَ هذا الحب والإخلاص أقوى.

فعباراتالسلف كلها تدور عَلَى هذه المعاني الأربعة. فمن أضل ممن يعارض بين قوله تعالى: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى [الروم:27] ، وبين قوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] ؟ ويستدل بقوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ عَلَى نفي الصفات ويعمى عن تمام الآية وهو قوله: وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] ، حتى أفضى هذا الضلال ببعضهم، وهو أحمد بن أبي دؤاد القاضي.

إلى أن أشار عَلَى الخليفة المأمون أن يكتب عَلَى ستر الكعبة: ليس كمثله شيء وهو العزيز الحكيم، حرّف كلام الله لينفي وصفه تَعَالَى بأنه السميع البصير، كما قال الضال الآخر جهم بن صفوان: وددت أني أحك من المصحف قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54] ، فنسأل الله العظيم السميع البصير أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، بمنه وكرمه] اهـ.

الشرح:

هذا الذي ذكره المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ في تفسير المثل الأعلى، وأثنى عَلَى قائله هو من كلام الإمام ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وهو موجود في مختصر الصواعق.

ومعنى ما ذكره المُصْنِّف هنا: أن عبارات السلف التي اختلفت في تفسير المثل الأعلى تدور عَلَى أربعة معانٍ:

فمنهم من فسره بأنه صفاته التي يوصف بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015