وهذه الآلهة التي يعبدونها من دون الله إما أنها حجارة لا تسمع ولا تنطق، وهذا من أدل الأدلة عَلَى أنها ليست آلهة، لأنها لا تتصف بالسمع ولا بالكلام، كما حآجَّ إبراهيم قومه في ذلك، كما في آخر سورة الأعراف، وكذلك العجل لمَّا اتخذه اليهود، احتج الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليهم بقوله: أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً [الأعراف:148] ، فالرب الذي لا يكلم ولا يهدي اتباعه كيف يكون رباً؟

وهكذا نقول: إن مثل السوء -كل نقص في الصفات- فإنه يأتي في حق المعبودات التي عبدت من دون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وفي حق الذين لا يؤمنون بالآخرة.

أقوال أهل العلم في تفسير المثل الأعلى

قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:

[واختلفت عبارات المفسرين في المثل الأعلى، ووفق بين أقوالهم بعض من وفقه الله وهداه، فقَالَ: المثل الأعلى يتضمن: الصفة العليا، وعلم العالمين بها، ووجودها العلمي، والخبر عنها وذكرها، وعبادة الرب تَعَالَى بواسطة العلم والمعرفة القائمة بقلوب عابديه وذاكريه.

فهاهنا أمور أربعة:

الأول: ثبوت الصفات العليا لله سبحانه، سواء علمها العباد أو لا، وهذا معنى قول من فسرها بالصفة.

الثاني: وجودها في العلم والشعور، وهذا معنى قول من قال من السلف والخلف: إنه ما في قلوب عابديه وذاكريه، من معرفته وذكره، ومحبته وإجلاله وتعظيمه، وخوفه ورجائه، والتوكل عليه والإنابة إليه.

وهذا الذي في قلوبهم من المثل الأعلى لا يشركه فيه غيره أصلاً، بل يختص به في قلوبهم، كما اختص به في ذاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015