ولما كانت صفات الرب تَعَالَى أكثر وأكمل، كَانَ له المثل الأعلى، وكان أحق به من كل ما سواه؛ بل يستحيل أن يشترك في المثل الأعلى المطلق اثنان، لأنهما إن تكافآ من كل وجه، لم يكن أحدهما أعلى من الآخر، وإن لم يتكافآ فالموصوف به أحدهما وحده، فيستحيل أن يكون لمن له المثل الأعلى مثل أو نظير] اهـ.

الشرح:

هذا المثل الأعلى المذكور في الآيتين لا يدل عَلَى أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يشبهه شيء، أو يماثله شيء، كما يظن الظانون، وإنما يدل عَلَى أن الكمال المطلق في أي صفة من صفات الكمال له سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

فقوله سبحانه: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى [الروم:27] ، أي: الكمال المطلق الذي ليس فوقه شيء، أما مجرد الوصف فهو لجميع المخلوقات، كالوصف بالعلم والقدرة والحياة للإنسان مثلاً، لكن المثل الأعلى في هذه الصفات هو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وهذا يتضمن أن نثبت لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كل صفة كمال، فأي صفة يكون عدم إثباتها نقصاً لله -عَزَّ وَجَلَّ- فيجب أن نثبتها له، لأنه هو الذي له المثل الأعلى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وأي كمال يخطر ببال الإِنسَان في أن يصل به أي أحد، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو المتصف بغاية هذا الكمال، ولا يشاركه فيه أي مخلوق من العالمين.

فهو وحده له الكمال الأعلى؛ لأن له المثل الأعلى، وأما الذين من دونه، الذين لا يؤمنون بالآخرة، فأمثالهم أمثلة السوء، كما ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015