أما السادس: فهو يربط الموضوع بما سبق، عندما شرح المُصنِّفُ قول الطّّحاويّ: [ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه] . وذكرنا أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يزال متصفاً بصفات الكمال، من صفات الذات وصفات الفعل، وأن صفات الذات تتعلق بذاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا تنفك عنه، والصفات الفعلية تتعلق بإرادته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقد شرحناهما باستفاضة.

لكن المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ أراد أن يدخل من هذا الباب لإلزام هَؤُلاءِ بأصولهم في صفات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الفعلية؛ لأنهم يقولون: إن هذه الصفات يلزم منها الجسمية، والانتقال، والتبعيض، كما سبق أن أوضحنا بأن كل ما صح أن تتعلق به إرادة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جاز أن يفعله، فما المانع عقلاً أن تتعلق إرادة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بأنه ينزل كل ليلة إِلَى السماء الدنيا؟

وبما أن ذلك جائز عقلاً، فكيف تنفونه؟ وكذلك: أنه يرضى، أو يغضب، أو يضحك، أو يفعل ما يشاء من الأفعال التي وردت؟

ولكن الذي تتوقف عليه إثبات هذه الأمور في الأصل هو صحة الخبر، فإن جَاءَ الخبر الصادق، كما في قوله تعالى: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صفّاً صَفّا) ً) [الفجر:22] ، وكما في الحديث الصحيح: (ينزل ربنا إِلَى السماء الدنيا كل ليلة) وأمثال ذلك، فهذا لا اعتراض عليه، ولا يحيده العقل، بل حينما يخالفه العقل يكون صاحبه غير عاقل.

فما الذي يجعلكم تقولون: إنه لا ينزل، أو لا يضحك، أو لا يرضى، أو لا يغضب، وإرادته عامة، فقد قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه: فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ [البروج:16] وما تقولونه: إنها القواطع العقلية أو البراهين النظرية، أو إمكان كذا واستحالة كذا، كل هذا الكلام يسقط أمام الحق والنور الواضح المبين من كلام الله وكلام رسوله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015