فقولهم: "نسألك عن هذا الأمر" إشارة إِلَى الكون الحاضر المشهود، فلم يأت الجواب عن جنس الحوادث والمخلوقات، وإنما جَاءَ الجواب عن هذا العالم المخلوق، فقَالَ: كَانَ الله ولم يكن قبله شيء، وكان عرشه عَلَى الماء، وخلق السموات والأرض، وقوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ.. [فصلت:11] يدل ذلك عَلَى أن العرش والماء والدخان من مخلوقات الله عَزَّ وَجَلَّ قبل ذلك.
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[فالحاصل: أن نوع الحوادث هل يمكن دوامها في المستقبل والماضي أم لا؟ أو في المستقبل فقط؟ أو الماضي فقط؟
فيه ثلاثة أقوال معروفة لأهل النظر من الْمُسْلِمِينَ وغيرهم:
أضعفها: قول من يقول: لا يمكن دوامها لا في الماضي ولا في المستقبل كقول جهم بن صفوان وأبي الهذيل العلاف.
وثانيها قول من يقول: يمكن دوامها في المستقبل دون الماضي، كقول كثير من أهل الكلام، ومن وافقهم من الفقهاء وغيرهم.
والثالث: قول من يقول: يمكن دوامها في الماضي والمستقبل، كما يقوله أئمة الحديث، وهي من المسائل الكبار. ولم يقل أحد يمكن دوامها في الماضي دون المستقبل] اهـ.
الشرح:
علق الشيخ الأرنؤوط عَلَى كلمة ابن كلاب فقَالَ: هو عبد الله بن كلاب المتوفى بعد سنة مائتين وأربعين، كَانَ إمام أهل السنة في عصره، وإليه مرجعها إِلَى آخر كلامه.
ومعلوم أنه كَانَ معاصراً للإمام أَحْمَد، فكيف يكون هو إمام أهل السنة ومرجع السنة في عصره؟
فهذا الكلام من الخطأ أن يقال في حق إمام فعلاً من أئمة أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ معاصر للإمام أَحْمَد، فكيف برجل ليس من أئمة أهل السنة.
وهو الذي هجره وأمر بهجره الإمام أَحْمَد رَحِمَهُ اللهُ، وقَالَ: إنه مبتدع. فهجره أهل العلم نتيجة هذه البدع -وهي اشتغاله بعلم الكلام-، ونتيجة لهجر الإمامأَحْمَد له، فتضاءل تلاميذه وأثره.