إن هذه العبارة "إنه إمام أهل السنة في عصره وإليه مرجعها" هو كلام الكوثري، نقله عنهالدكتور علي سامي النشار، ويبدو أن الشيخ شعيب نقل هذا الكلام من كلام الدكتور علي سامي النشار في مقدمة كتاب الشامل للجويني، أو نقله عن الكوثري مباشرة.
فالقسمة العقلية المجردة النظرية تقتضي أن تكون المذاهب في هذا الموضوع أربعة، ولكن الموجود منها ثلاثة:
القول الأول: -وهو أضعفها- أنه لا يمكن دوامها لا في الماضي ولا في المستقبل، وهذا قول الجهم بن صفوان، وأبي الهذيل العلاف من شيوخ المعتزلة.
وهذا القول تفرد به الجهم بن صفوان وأبو الهذيل العلاف، وهو قول شاذ حتى عند جميع أهل الملل، والفلاسفة، واليهود، والنَّصارَى، فلم يقولوا: بأن الحوادث لا تدوم لا في الماضي ولا في المستقبل، وينبني عليه أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يكن خالقاً، ولا متكلماً، ولا فعالاً لما يريد في زمن من الأزمان، ثُمَّ حدث له ذلك - كما يقولون - فانتقل الأمر من الامتناع الذاتي إِلَى الإمكان الذاتي، ومن ذلك قولهم: إن الجنة والنَّار تفنيان، وعالم الملأ الأعلى يفنى.
والقول الثاني: يمكن دوامها في المستقبل الذي لا آخر له، ويسمى الأبد، ولا يمكن دوام نوع الحوادث في -الزمن الذي لا أول له- الأزل.
وهَؤُلاءِ هم الكرامية والأشعرية والشيعة وبعض المعتزلة وبعض المنتسبين للمذاهب الأربعة، يقولون: لم يكن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في الماضي خالقاً، ولا رازقاً، ولا مُحيياً، ولا مميتاً؛ لأنه لم يكن هناك خلق يخلقهم، ولا يرزقهم، ولا يحييهم أو يميتهم قبل أن توجد هذه الحوادث، وأما في المستقبل فالإمكان وارد؛ لأن أهل الجنة وأهل النَّار يبقون أبد الآبدين ولا يفنون.