والتسلسل الباطل: هو ما كَانَ في العلل وفي المعولات- أي: في الفاعلين والمفعولات، مثل ما جَاءَ في ذلك الحديث الصحيح: {يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا، من خلق كذا حتى يقول: من خلق الله؟) يعني أنت تقول: هذا خلقه مخلوق، والمخلوق خلقه مخلوق، هذا تسلسل باطل؛ فلا بد أن ينتهي إِلَى أنه خلقه خالق.
وأما التسلسل بالآثار؛ فهذا غير باطل، فهو أن يكون حادث إثر حادث، وحادث إثر حادث؛ لأنها آثار من آثار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ ولأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يزل خالقاً أزلاً وأبداً سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهو يخلق شيئاً، ثُمَّ يخلق بعده شيئاً ثُمَّ يخلق بعده شيئاً إِلَى ما لا نهاية، لما لا بداية له، ولا نهاية له، فلا يمتنع ذلك ما دمنا أننا قلنا: إن صفة الله -عَزَّ وَجَلَّ- أزلية لا بداية لها، فإن آثارها ولوازمها التي تستلزمها أيضاً لا بداية لها.
لكن هل يعني هذا أن هناك مخلوقاً أزلياً لا أول لوجوده؟ يقول شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ: لا، ليس هناك مخلوق أزلي لا أول لوجوده، لكن هناك مخلوق يحدث بعده مخلوق، ويحدث بعده مخلوق، أو مخلوق حدث قبله مخلوق، وهذا حدث قبله مخلوق. إِلَى آخره، فهذا تسلسل بالآثار، التي هي آثار الصفة التي يتصف بها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فالحوادث لا أول لها من حيث النوع والجنس، لكن الأفراد حادثة، فكل مخلوق بذاته هو حادث، لكن الجنس قديم -بمعنى: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو خالق أزلاً، وكونه خالقاً ومريداً ومتكلماً، لأنه قد خلق أشياء وأراد أشياء، وهذه الأشياء ليست أزلية بذاتها، لكن لما كَانَ لا أول لصفة من صفاته، فإن آثارها ولوازمها مما لا أول له كذلك.