قَالَ: لأن صفة الحياة الباقية مختصة به تَعَالَى دون خلقة، فإنهم يموتون: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27،26] فلا بد أن يموتوا كما قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [الأنبياء:35] ، وفي ذلك إشارةٌ إِلَى أن نفي التشبيه ليس المراد منه نفي الصفات.
ومنه: أنه قيوم لا ينام، وفي ذلك إشارة إِلَى أن نفي التشبيه ليس المراد منه نفي الصفات، بل هو سبحانه موصوف بصفات الكمال؛ لكمال ذاته.
وقَالَ: لا يشبهه الأنام، ثُمَّ قَالَ: حي وقيوم، فهذا دليل عَلَى أن المنفي هو التمثيل لا حقيقة الأسماء والصفات.
وبعض الشراح من الماتريدية فهموا أن المؤلف لما قَالَ: [لا يشبه الأنام] أنه ينفي الصفات التي ينفونها هم، فالمصنف رَحِمَهُ اللهُ وضح أن الإمام الطّّحاويّ لا ينفي الصفات، بدليل أنه بعد نفي التشبيه في الصفات أثبت فقَالَ: [حي لا يموت قيوم لا ينام] .
والفرق بين حياة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وبين حياة غيره. كالفرق بين الحياة الكاملة الباقية وبين أية حياة يمنحها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويعطيها لمن يشاء من الحياة الناقصة، ولهذا قارن بين الحياة الدنيا وبين الحياة الآخرة، فالحياة الدنيا سميت في القرآن، "لهو، ولعب، وغرور"، لكن الحياة الآخرة قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيها: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ [العنكبوت:64] أي: الحياة الحقيقية.
فالدنيا كالمنام، والآخرة كاليقظة، كما جَاءَ في الأثر عن عَلِيّ رضي الله عنه: "النَّاس نيام، فإذا ماتوا استيقظوا" فكأن الحياة الآخرة هي الحياة الحقيقية التي تكون فيها معاني الحياة كاملة، فإن قيل: أليست الدار الآخرة هي الحياة الحقيقية، والملائكة والولدان والحور العين الذين في الجنة يعيشون الحياة الكاملة؟ فما الفرق بين هذه الحياة وبين حياة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟