فنقول: الفرق عظيم بين ما يتصف به المخلوق وبين ما يتصف به الخالق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإن حياة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هي من لوازم ذاته، فهو الحي بذاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أما ما في الجنة من الملائكة وغيرهم إنما هم أحياء بإحياء الله لهم، فالله هو الذي أحياهم وهو الذي وهبهم الحياة، وإن كانت هذه الحياة هي فعلاً أكمل من الحياة الدنيا، وهي حياة حقيقية بالنسبة للحياة الدنيا العارضة الزائلة العابرة.
فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الحي بذاته، وأما غيره سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فإنما هو حي بإحياء الإله له، وليس الأحياء في الجنة ذاتهم من لوازم ذواتهم أن يكونوا أحياءً، ولكن الله هو الذي يمنحهم الحياة، ولو شاء لأهلكهم جميعاً تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فما يليق بالخالق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى له شأن، وما يليق بالمخلوق له شأن آخر.
والقيوم: يدل عَلَى معنى الأزلية والأبدية، يعني: عَلَى معنى: ما لا أول له ولا بداية له في الأزل، وعلى معنى: ما لا نهاية له في الأبد، فهو أعظم دلالة من اسم القديم، فإن اسم القديم وإن دل في الاصطلاح -لا في أصل اللغة- عَلَى ما لا أول له، فإنه لا يدل عَلَى ما لا آخر له.
وقد سبق أن الاسم الذي جَاءَ في القُرْآن ويدل عَلَى معنى القديم عند المتكلمين هو اسم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى "الأول"، والأول والآخر فسرها النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: " (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء) فالقيوم: يدل عَلَى معنى الأزلية والأبدية بما لا يدل عليه أي اسم.
ومنها: القديم، ويدل عَلَى كونه قائماً بنفسه، موجود بذاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهو يدل عَلَى معنى كونه واجب الوجود -أي في اصطلاح الفلاسفة - والقيوم أبلغ من القيام؛ لأن الواو أقوى من الألف، فالقيوم بما أنه ورد في القُرْآن فلا شك أنه أبلغ من القيام؛ وإن كَانَ معناها واحداً.
وهل ورد القيام في شيء من الكتاب أو من السنة؟