فأقول يارب وعدتني الشَّفَاعَة فشفعني في أهل الجنة يدخلون الجنة، فيقول الله عَزَّ وَجَلَّ: قد شفعتك وأذنت لهم في دخول الجنة) ...
الحديث رواه الأئمة: ابن جرير في تفسيره والطبراني وأبو يعلى الموصلي والبيهقي وغيرهم] اهـ.
الشرح:
لم أرَ وجهاً لتعجب المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- من الحديث الذي رواه البُخَارِيّ ومسلم وأَحْمَد، وهو قوله: (يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، ثُمَّ يقول بعض النَّاس لبعض: ألا ترون إِلَى ما أنتم فيه؟ ألا ترون إِلَى ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إِلَى ربكم؟ فيقول بعض النَّاس لبعض: أبوكم آدم، فيأتون آدم ثُمَّ نوحاً ثُمَّ إبراهيم ثُمَّ موسى ثُمَّ عيسى ثُمَّ محمداً صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، وفي الرواية الأخرى (عندما يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ النَّاس من الغم والكرب والضيق ما لا يحتملون) .
ومن هذا الموقف العظيم تجأر الخلائق إِلَى الأَنْبِيَاء وتفزع لتطلب منهم أن يشفعوا إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهذه هي الشَّفَاعَة الأولى في هذا الموقف للفصل بين النَّاس في أمر الحساب، سواء منهم من يستحق الجنة فيدخلها، أو من يستحق النَّار فيدخلها، فالقضية ليست شفاعة خاصة بأهل الجنة ولا شفاعة خاصة لإخراج العصاة من النَّار وإدخالهم الجنة، كما هو ملاحظ من السياق.
فقول المصنف: [لا يذكرون أمر الشَّفَاعَة الأولى في أن يأتي الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لفصل القضاء كما ورد في حديث الصور] هذا الكلام صحيح، فهم لم يذكروا أول الحديث أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يبدأ الحشر بالنفخ في الصور، ثُمَّ يأتي الكروبيون والملائكة، وليس في هذا مطعن في أنهم لم يذكروا الشَّفَاعَة الأولى، وإنما لم يأتوا بأول المحشر.