وقد جَاءَ التصريح بذلك في حديث الصور، ولولا خوف الإطالة لسقته بطوله، لكن من مضمونه: (أنهم يأتون آدم ثُمَّ نوحاً ثُمَّ إبراهيم ثُمَّ موسى ثُمَّ عيسى ثُمَّ يأتون رَسُول الله محمداً صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيذهب فيسجد تحت العرش في مكان يقال له: الفَحْصُ، فيقول الله: ما شأنك؟ وهو أعلم، قال رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: يارب، وعدتني الشَّفَاعَة فشفعني في خلقك، فاقض بينهم فيقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: شفَّعْتُكَ أنا آتيكم فأقضي بينهم، قَالَ: فأرجع فأقف مع الناس.
ثُمَّ ذكر انشقاق السموات وتنزل الملائكة في الغمام ثُمَّ يجيء الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لفصل القضاء، والكروبيون والملائكة المقربون يسبحونه بأنواع التسبيح، قَالَ: فيضع الله كرسيه حيث شاء من أرضه، ثُمَّ يقول: إني أنصت لكم منذ خلقتكم إِلَى يومكم هذا، أسمع أقوالكم وأرى أعمالكم، فأنصتوا إلي فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، إِلَى أن قَالَ:
فإذا أفضى أهل الجنة إِلَى الجنة قالوا: من يشفع لنا إِلَى ربنا فندخل الجنة؟ فيقولون: من أحق بذلك من أبيكم إنه خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه وكلمه قُبلاً، فيأتون آدم فيطلبون ذلك إليه، وذكر نوحاً ثُمَّ إبراهيم ثُمَّ موسى ثُمَّ عيسى ثُمَّ مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... إِلَى أن قَالَ:
قال رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فآتي الجنة فآخذ بحلقة الباب، ثُمَّ استفتح فيفتح لي، فأحيى ويرحب بي، فإذا دخلت الجنة، فنظرت إِلَى ربي عَزَّ وَجَلَّ خررت له ساجداً، فيأذن لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه، ثُمَّ يقول الله لي: ارفع يا مُحَمَّد واشفع تشفع وسل تعطه، فإذا رفعت رأسي قال الله -وهو أعلم-: ما شأنك؟