وقد جَاءَ في الحديث المتفق عليه أنهم سبعون ألفاً، وصح في الحديث الأخر: أن مع كل واحد سبعون ألفاً من أمة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهَؤُلاءِ يدخلون الجنة من باب خاص من المصراع الأيمن يكرم الله محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك ويرى النَّاس ذلك.
وهذه الطائفة من أمة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي هي آخر الأمم فيدخلون الجنة قبل الحساب، وقبل أن تنصب الموازين، وقبل أن يفصل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بين العباد.
ثُمَّ يقول: [وهم شركاء النَّاس فيما عداه من الأبواب، والذي نفسي بيده، لما بين مصراعين من مَصَارِيعَ الجنَّة كما بين مَكَّةَ وهَجَرَ أو كما بين مَكَّةَ وبُصْرَى] وهذا من سعة الجنة وسعة مصارعيها، وفي الحديث أن الكلام عَلَى الأكل سُنَّة، وليس كما يزعم النَّاس من أن الكلام عَلَى الطعام من قلة الأدب، ويقولون: لا كلام عَلَى طعام.
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[والعجبُ كُلُّ العجبِ من إيرادِ الأئمةِ لهذا الحديث من أكثر طرقه، لا يذكرون أمر الشَّفَاعَة الأولى في أن يأتي الرب تَعَالَى لفصل القضاء كما ورد هذا في حديث الصور، فإنه المقصود في هذا المقام، ومقتضى سياق أول الحديث، فإن النَّاس إنما يستشفعون إِلَى آدم فمن بعده من الأَنْبِيَاء في أن يفصل بين النَّاس ويستريحوا من مقامهم، كما دلت عليه سياقاته من سائر طرقه، فإذا وصلوا إِلَى المحز إنما يذكرون الشَّفَاعَة في عصاة الأمة، وإخراجهم من النار.
وكأن مقصود السلف في الاقتصار عَلَى هذا المقدار من الحديث هو الرد عَلَى الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة الذين أنكروا خروج أحد من النَّار بعد دخولها، فيذكرون هذا القدر من الحديث الذي فيه النص الصريح في الرد عليهم فيما ذهبوا إليه من البدعة المخالفة للأحاديث.