[فلا شيء مثله] ، وهذا استكمال وإيضاح لذلك؛ لأن الطحاوي رحمه الله قد يأتي بعبارات مترادفة، والمقصود منها هو تجلية المعنى وإيضاحه وتحقيقه لدى السامع.

ولكن المصنف رحمه الله يشرح كل جملة بما يراه مناسباً للفظها.

وقوله: [لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام] في هذا نفي لجميع أنواع العلم؛ لأن العلم إما يقين يفهمه العقل ويعقله ويستوعبه ويتأمله، وإما ظن يتخيله العقل ويتوهمه ويحسبه.

والله سبحانه وتعالى قد نفى إحاطة البشرية له علماً وعقلاً وفهماً ويقيناً، وكذلك ظناً وخرصاً وتوهماً، فالعقول لا تستطيع أن تعرف حقيقة الله وكنه ذاته تبارك وتعالى بحقائقها التي تفهم بها، ولا بظنونها وتخييلاتها وأوهامها وفي هذا النفي دليل على أنه سبحانه وتعالى لا سبيل إلى معرفته إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فما جاء في الكتاب والسنة يفهمه العقل؛ لأن الله سبحانه وتعالى خاطبنا بما نعقل، والرسول صلى الله عليه وسلم شرح ذلك الخطاب، وخاطبنا أيضاً بما نفهم وبما نعقل، ومهما حارت عقولنا في فهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فإننا لا نحيله، فقد تحار العقول في فهم إدراك حقائقه، ولكن لا تحكم باستحالته لا في إدراك معانيه اللغوية -كما مر معنا إيضاح الفرق بينهما.

والشرع جاء بمحارات العقول ولم يأت بمحالات العقول، فلم يأت الشرع بما تحيله العقول وتقطع وتجزم بنفيه، ولكن جاء بما قد تحار العقول في إدراك حقيقته وفهمه، مع العلم بأن الألفاظ من جنس الخطاب والكلام الذي يعهده العرب ويعرفه السامعون، فالله سبحانه وتعالى لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام، فليس هناك من سبيل إلى معرفة صفاته -عز وجل- إلا ما جاء في الكتاب أو السنة.

وهناك مثلان مشهوران ذكرهما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرسالة التدمرية يبينان ذلك:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015