هذه الفقرة الأخرة لا يفنى ولا يبيد واضحة، وهو أن الإمام أبو جعفر الطّّحاويّ يقول: إن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يفنى ولا يبيد، وهذا لكمال حياته ولكمال قيوميته، كما قلنا: إن النفي المحض ليس مدحاً في حق الله، لكن إذا نفي شيئاً فهو لكمال الصفة المتعلقة به، أي: لكمال حياته ولكمال قيوميته، ولهذا يستدل المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ- تَعَالَى بقوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:26-27] ويبين أن الفناء والبيد متقاربان في المعنى وهذا لا إشكال فيه.
قال الطحاوي رحمه الله تعالى:
[لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام] .
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[قال الله تعالى: وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً [طه:110] قال فيالصحاح: توهمت الشيء: ظننته، وفهمت الشيء: علمته.
فمراد الشيخ رحمه الله: أنه لا ينتهي إليه وهم، ولا يحيط به علم.
قيل الوهم: ما يرجى كونه، أي: يظن أنه على صفة كذا، والفهم: هو ما يحصله العقل ويحيط به، والله تعالى لا يعلم كيف هو إلا هو سبحانه وتعالى، وإنما نعرفه سبحانه بصفاته، وهو أنه أحدٌ، صمدٌ، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْض [البقرة:255] هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الحشر:24،23] اهـ.
الشرح:
موضوع نفي أو تشبيه الله بخلقه، قد سبق الحديث عنه عند قول المصنف رحمه الله: