فبعض النَّاس قبل تطور العلم يتعجبون من القمر يرون أنه أكبر شيء في السماء فيتعجبون من ضوءه ومن كبر حجمه، ويستدلون بذلك عَلَى عظمة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الآن عرف النَّاس أن هذا القمر جرم صغير وأن هناك أجراماً أخرى أكبر وأعظم، لكن لأنها أبعد ترى أصغر، كل ذلك داخل في النظر والتفكر في السماوات، وإنما أصبح أكثر تفصيلاً، فلا يضر الجاهل الأول أنه لا يعرف حجم القمر.

ولم يزد المعاصر معرفته بما هو أكبر من القمر إنما العبرة واحدة، وهكذا سائر الآيات والأحاديث التي فيها ما يدل عَلَى إثبات أمر من الأمور.

وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَةَ [النحل:78] فكل إنسان تقرأ عليه هذه الآية يفهم ماذا تريد منه، لكن هناك أناس متخصصون متعمقون يدرسون الأعصاب، ويعرفون جهاز الإحساس عند الإِنسَان وكيف ينشأ عنده العلم بالأشياء، وكيف تسقط من ذاكرته الأشياء يتعمقون جداً، فهذا الكلام قد ينفع بعض الناس، وقد لا يجدي معهم إلا هذه الأشياء المتعمقة، ولكن أكثر النَّاس يفهم هذا الاستدلال بمجرد الأمر الظاهر وكذلك نجد عالماً كبيراً جداً.

ومع هذا لما خلق من بطن أمه لم يكن يعلم شيئاً فمن الذي علمه وأعطاه السمع والبصر والفؤاد؟ إنه الله سبحانه تَعَالَى فالعبرة واحدة وإن أخذها بعضهم بالتفصيل وبعضهم بغير ذلك.

الاقتصار على دلائل الكتاب والسنة هو الأفضل

إن ما يتعلق بالمقدمات وخفاء الأدلة، نَحْنُ نقول: إن الطريقة الصحيحة الواجب اتباعها هي طريقة القُرْآن والسنة، وهي أجلى وأوضح من كل طريق، لكن مع ذلك لو استُخدمت طريق أخرى أقل جلاءً أو طريق خفية.

ودلت عَلَى المراد الذي دل عليه الكتاب والسنة فلا بأس بها نظراً لمرض يقع في قلوب النَّاس وفي تفكيرهم فيفهمون بالخفي ولا يفهمون بالجلي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015