وهذا حتى عند بعض النَّاس الذين ينكرون الحقائق نهائياً ويستدلوا عَلَى وجود الشمس بالحرارة التي يحس بها الإِنسَان في النهار ولا يحس بها في الليل، وحقيقة الأمر أن هذا الدين أنزله الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى أمة فطرية، ليس عندها تعمقات ولا تعقيدات الأمم اليونانية، مثلاً أو الهندية.
فالفطرة السليمة نزل القُرْآن عليها وخاطبها، فآمنت واعتقدت ما يتلى عليها، ولذلك انظروا كيف غير في معاني الكتاب والسنة لما دخل فيه أُولَئِكَ الذين تأثروا بغير منطق العرب، كما قال الإمام الشَّافِعِيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: " ما فسد النَّاس وتناقضوا واختلفوا إلا عندما تركوا منطق العرب ومالوا إِلَى منطق أرسطو طالين " فالمنطق معناه أسلوب التفكير العربي فلما تركه النَّاس -حتى من كَانَ عربياً منهم- ومالوا إِلَى طريقة المتكلمين الفلاسفة كـ، المتكلمين الذين أخذوا طريقة الفلاسفة أو كَانَ هو أعجمي الفطرة، ثُمَّ دخل في الإسلام، مثل: الإمام فخر الدين الرازي عَلَى عظمته وعلى سعة علمه وعلى مؤلفاته لولا لاحظتم كتابه التفسير الكبير ستشاهدون التأثر الكبير بالفلاسفة لأنه من أئمة الكلام، فكان إمام الأشعرية في عصره.
تجد هذا الشيء الذي يتنافى مع الفطرة العربية التي هي فطرة العربي الجاهلي في فهم الألفاظ -مثلاً- يقول في قول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ [البقرة:35] يقول: ربما فهم آدم وحواء أن النهي عن الأكل من الشجرة منصب عليهما مجتمعين، لأن اللفظ مثنى "لا تقربا" لكن لو أكل كل واحد منهم وحده لكان جائزاً، ولذلك أكل.