وننبه إلى أن الشيخ ناصر الدين الألباني لما ذكر هذا قال: رواه أبو داود والترمذي وغيرهما من حديث جندب، فاستدرك عليه الشيخ الأرنؤوط فقال: وقول الشيخ: ناصر الدين الألباني رواه أبو داود والترمذي وغيرهما من حديث جندب وهم منه! فإن لفظ رواية جندب: (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) أخرجه الطبري، فرواية حديث جندب ليست فيها هذا النص وإنما هي (من قال بالقرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) .
ولكن ضعف السند لا يعني بطلان المعنى، والمعنى الذي أراده المصنف رحمه الله صحيح ولا شك فيه، وهو أنه قال: [فكيف تعلم أصول دين الإسلام من غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكيف يفسر كتاب الله بغير ما فسره به رسول صلى الله عليه وسلم وأصحاب رسوله الذين نزل القرآن بلغتهم؟]
فكون القرآن لا يجوز أن يفسر بالرأي ولا بالهوى حتى ولو أصاب من فسره بمجرد الرأي، هذا أصل صحيح وقاعدة صحيحة تدل عليها الآيات والأحاديث الأخرى غير هذا الحديث الذي في سنده من ضُعِّفَ.
ومن ذلك أن نفهم أصل ذلك كله ونعلم أن القرآن هو كلام الله عزوجل، وأن تبيينه وإيضاحه وتفسيره بغير علم، وبالرأي والهوى؛ هو قول على الله عز وجل بغير علم، وحكم ذلك التحريم، قال الله عز وجل: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33] وهذه الآية ذكرت فيها المنكرات والكبائر بالتدرج، وأكبر شيء بعد الشرك هو القول على الله عز وجل بغير علم، كأن يأتي إنسان فيضع ديناً جديداً من عنده، ويقول: هذا هو دين الله، وهذا الذي نتعبد الله به هذا أكبر وأعظم من مجرد الإشراك بالله في العبادة.